Sunday, March 23, 2008

ذهبت إلى غزة


من منا لم يحلم أن يذهب إلى غزة يسير فى شوراعها و يتحدث إلى أهلها يسلم عليهم و يعانقهم .. عندما تحلم و يصبح الحلم حقيقة تتحشرج الكلمات فى الحلق و لا تقدر على التعبير..و عندما يتحقق نصف الحلم فهذا دليل على أن الحلم قابل للتحقيق ...لقد أختارنى الله و خصنى بشرف الذهاب إلى اهالى غزة فى مستشفى فلسطين فى القاهرة ضمن مجموعة من شباب و فتيات عين على بكرة ... كان يوما رائعا حقا يستحق أن يحكى عنه
.
كان الميعاد فى السادسة .. تقابلنا الساعة الخامسة فى المكان المتفق عليه .. ثم توجهنا إلى هناك .. توقفنا ننتظر الإجراءات الروتينية ثم أذن لنا بالدخول ... و قادنا أحد الأعضاء فى جولة .. و منذ أن أعلمت بالميعاد و حتى لحظة الأذن لنا بالدخول لم يتوقف فكرى لحظة فى ماذا سأقول لهم؟ و ماذا سيكون رد فعلهم؟ و لماذا أنا ذاهبة إلى هناك و مشتاقة إلى الذهاب بهذا الشكل الغريب؟ وما الفائدة التى ستعم عليهم و علينا من الذهاب؟ و لم أجد إجابة على كل تلك التسائلات إلى عندما همست سفيرة الخير "د/داليا الشيمى" فى أذنى و
أذن المجموعة كلها أن حين أستقلينا المصعد
"وجودنا هنا نعمة تستحق الحمد .. الحمد لله"

أقشعر جسدى عندما قابلنا أول أهالى غزة الحبيبة التى أتوق إلى اليوم الذى أمشى على أرضها و أشتاق إلى كفن من ترابها.. وتنقلنا بين الحجرات و كان لنا شرف مقابلة ما يقرب من عشرين مصاب من أهلى غزة الحبيبة المتواجدين فى القاهرة...

لن أنسى الرجل الطيب .. كان عمره بين الخمسين و الستين حين قالنا له "أننا من المفروض أن نكون معهم ليس هنا فقط و لكن هناك فى غزة فأجاب بكل قوة "نحن مكفين هناك أنتم بس نفسكم معانا" ... وكأنه يقول نحن نكفى لمحاربة العدو بالحجارة هناك و لكن أنتم عليكم واجب هنا أنشروا القضية صحوا الشباب أنقذوهم مما هم فيه.

لن أنسى حموده و صاحبة هذان الشابان دخلوا مصر مصابين منذ شهر و لكنهم الحمد لله أتموا شفائهم و هم بخير و الحمد لله ... و دعونا لهم أن يعودوا إلى بيتهم سالمين إن شاء الله و أجاب صاحب حموده "و الله خبرونى أن بتنا هدم اليوم" ... تخيلت أن بيتى هو الذى هدم و تخيلت أين سأبيت هذا اليوم و حتى أجد بيت آخر لى ... و تذكرت قول رسول الله (صلى الله عليه و سلم) "من بات آمن فى سربه معافى فى جسده عنده قوت يومه فليقل على الدنيا العفاء" .. نعم يا رسول الله فليق على الدنيا العفاء.. و كأن صاحب حموده أراد أن يقول لنا أحمدا لله حمدا كثيرا على نعمة الآمن تلك النعمة التى لا يحمد لله عليها إلا القليل.

لن أنسى تلك المرأة الصابرة التى أصيب ولدها ذو الست و العشرين عاما فى آخر غارة على غزة ... و كم حسدت سفيرة الخير حين قبلت رأسها .. و كم وددت أن أتقدم فأقبل يديها فتكون تلك القبلة شرف لى .. أن أقبل يد غزاوية تحارب من أجل الحق.

لن أنسى الأب الذى كان عمره بين الخامسة و الخمسين و الستين و كيف كان هو الذى يسألنا عن صحتنا بلهجة فلسطينية أعشقها "كيفكم انا بخير" و عندما سالنا عن صحته و إصابته فأجاب "الحمد لله انا بخير و إصابتى خفيفة قطع فى الوتر الذى يربط بين القدم و الساق" ... تعجبت كيف يقول على قطع فى الوتر إصابة خفيفة و هنا من يشعر بإرهاق يقدم على أجزة مرضى و يستريح فى البيت بسبب الإرهاق !! ...

لن أنسى تلك الشابة التى تبلغ من العمر السابعة و العشرين و أم لأربع أطفال ثلاث بنات و ولد ليس هذا الذى أثار دهشتى و لكن عندما تعلم أنها حامل فى الشهر السابع و أنها أصيبت فى الغارة و تحمد الله أن ولدها كان معها فى الغارة و لم يصاب و عندما نسالها تقول "أبنى كان معايا و هو بخير" و الذى يجعلك تحس بالعل أنهم أبطال فعلا يجب أن يخلد التاريخ أسمائهم و حياتهم بحروف من ذهب أن إصابتها فى الغارة أدت إلى بتر رجليها الأثنين .. لم تترك لها الغارة قدم واحدة تمشى عليها و تخدم بيها نفسها و زوجها و أطفالهما الذين سيكونوا خمس بعد شهرين ... و ترى الصبر و الإيمان و الرضا يسقطون من فمها إذا تحدثت ... و هنا تجد الضجر و عدم الرضا على لسان حال من يعمل أو يدرس فى مكان بعيد عن منزله ساعة أو أثنين و يشتكى من الزحام و الحر و أحيانا لا يقوم بعمله على ما يرام و أحيانا أخرى لا يذهب أصلا و إذا سألته عن السبب أجابك بكل بساطة "أصلى مفرهد من الحر"

عجبت لأناس "فرهدوا" من الحر وآخرون لم "يفرهدوا" من الرصاص طوال 60 عاما.
لن أنسى رجل من المجاهدين الإسلاميين الذى فقد عينه اليمنى و الذى أصرينا على التصوير معه لكى تكون لنا ذكرى و تشهد لنا يوم القيامة أننا حاولنا أن ندخل السرور و لو بكلمات على أبطال و مجاهدين غزة.
لكم تحياتى يا كل فرد فى غزة الحبيبة.

2 comments:

حاسوباتيه said...

جميل جدا جدا البوست ده وبصراحه يابخخخخخخخخخخخخخخخختك انك روحتي مش بقر ولا حاجه بس بجد يا بختك ربنا معاهم يارب ويقومهم كلهم بالسلامه ويارب قريب كلنا نروح غزه بجد وترجعلنا يارب امين

Mona El-Shourbagy said...

ربنا يخليكى يا أحلى حاسوباتية فى الدنيا
و الله يا هجور تجربة جميلة جداو نعمة بشكر بنا عليها أوى أوى أنه أخترنى أنى أروح و أشوف أهل غزة
أحساس فعلا تحفة أنك تحطى إيدك فى إيد ناس كانوا واقفين إمبارح أمام دبابة بيدفعوا عن الفلسطين
فعلا يابختى
و الله يا هجور بدعى ربنا أنى يرزقنى الشهادة و عن قريب فى سبيل دينه و لو خيرنى هختار أموت شهيدة فى غزة