Monday, March 10, 2008

مذكرات مسافر الحلقة السادسة

"من إين جائت الفكرة"

رب خير كامن فى شر ... كنت كثيرا ما أسمع هذه المقولة تتردد حولى ... بالذات إذا قلت لهم أنى ضقت بالسفر اليومى للكلية ... و حاولت أن أطبق الجملة على حياتى اليومية التى تبدأ من الساعة السادسة صباحا أستيقظ لأصلى الفجر ثم أجهز حقيبتى و ملابسى و أستعد ليوم شاق ... أنزل فى السابعة أو السابعة و النصف فى أسوء الظروف ... أسافر للكلية فأصل على التاسعة صباحا و أبدأ يومى الدارسى الذى يستمر من التاسعة و حتى الرايعة عصرا و فى أحيان أخرى حتى السادسة و النصف ... ثم أعود للبيت منهكه تقريبا الساعة السادسة أو الثامنة مساء ... أصلى و إذا سمحت لى قواى أن بتناول الطعام .. ألتهم بعض الطعام ثم يغمى على حتى الصباح و عند الصباح يعاد البرنامج السابق ذكره ... فأين الخير الذى يكمن فى كل هذا الذى يحدث لى ... و أين سأجده ... و لكن كنت على يقين داخلى أن شئ سوف يحدث يوما ما و سأجد الخير الكامن فى مكان ما.

ربما كان الخير الذى يتحدثون عنه هو فى أنى أختلى بنفسى ما يقرب من أربع ساعات يوميا فى الطريق ... أمارس فيهم ما أريد أقرأ أو أتفكر أو أفكر فى شئ ما ... و فى يوم من الأيام كنت أقرأ فى كتاب للصحفى الراحل عبد الوهاب مطاوع ( الذى يكتب باب بريد الجمعة فى جريدة الأهرام منذ عام 1982 ) أسمه "أرجوك أعطنى عمرك" و هو كتاب يحتوى على بعض مقالات له. فكرة الكتاب ببساطة أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش حياته مرتين أو أكثر لكى يتعلم و يجيد فن الحياة و لكى يحقق هذه الأمنية فإنه عليه أن يضيف أعمار الآخرين إلى عمره أو بمعنى آخر أن يضيف تجارب حياتهم و ماتعلموه من الحياة إلى ما تعلمه هو من الحياة ... فهو يأخذ بذلك عصارة أعمارهم و يضيفها إلى عمره .. فأنت عندما تسأل أحد مشورته فكأنك تقول له "أرجوك أعطنى عمرك".

لقد فعل هو ذلك بدون أن يسأله أحد .. فقرر أن يكتب بعضا مما تعلمه من تجارب حياته فى هذا الكتاب الرائع، و كانت هذه الفكرة تأخد حيز كبيرا من حياته فكان مغرم بقراءة كتب السير الذاتيه ... و كان يحث كل من مر بتجربة قد تفيد أحدا من البشر أن يكتب مذكراته ... و كان عنده داء زيارة الأماكن التى يقرأ عنها و بيوت الأدباء و المفكرين و الفنانين.

و بعد مرور ثلاث سنوات من السفر اليومى ذهابا و إيابا ... جال بخاطرى فكرة أن أكتب مذكراتى ..فأنا أول من تسافر للدارسة فى محافظة أخرى من أصحابى و أول بنت تسافر من عائلتى و بكل تأكيد صادفتنى مواقف و طرائف السفر فى السنوات الماضية و في السنة القادمة ... و ربما أفيد بها أحدا و لقد حبانى الله بملكة الكتابة فلما لا أكتب مذكراتى ... تردد كثيرا فى أخذ هذا القرار ... و لكنى وجدت أنه وفاء لأستاذى عبد الوهاب مطاوع على تنفيذ وصيته.

بالفعل بدأت الكتابة بيد مرتجفة - تشفق على من صغر سني- أكتب مذكراتى ... و لكنى تسلحت بما تسلح به أستاذى من حب القراءة و كنت مؤمنة بما يؤمن هو به، من أن الإنسان يضيف إلى عمره أعمار من يقرأ لهم... و بما قال الخليفة العباسى المأمون الذى كان مغرما بالمحاورات الأدبية و الفلسفة و الحكمة : "ألذ الأشياء هو التنزه فى عقول الآخرين" .. و لقد حاولت تنفيذ الوصية و أتنزه فى عقول الآخرين و تجاربهم الشخصية من أكبرهم سنا إلى أصغرهم سنا و من أعلاهم شأن إلى أقلهم شأن و من العالم إلى العامل و من كبار الكتاب إلى صغار الكتاب أو المبتدأ فى الكتابة، أحاول بذلك تأمين سير سفينتى وسط نهر الحياة ذات الأمواج المتلاطمة و حماية نفسي من نوائب الدهر و مصائبه بالإيمان و عصارة عمر من سبقني فى طريق الحياة.
و عندما سمع بالفكرة أصدقائى حثونى على تنفيذها و على الكتابة ... مؤكدين لى أننى مررت بمواقف و ظروف لم يمر بها كثير من الفتيات و الشباب و أن هذه الفكرة سوف تعكس الظروف و الأوضاع التى يعيشها شريحة كبيرة الشباب و الفتيات الذين يسافرون للدراسة ... و نحن الآن لا نكاد نرى أسرة إلا و فرد من أفرادها قد قذف به مجموعه إلى محافظة من المحافظات و على حسب مجموعه و حظه تكون بعد المحافظة ... و تعيش الأسرة وضع مختلف مع غياب الأبن حتى يعود بعد سنة أو أربع أو ست "على حسب حظه" ... و بما أنى كنت من هؤلاء المحظوظين فإنى ذهبت لمدة أربع سنوات إلى الزقازيق.

كان من حقكم على أن تعرفوا من أين جائتنى فكرة كتابة "مذكرات مسافر" ... نعم، من كتاب "أرجوك أعطنى عمرك" جائتنى الفكرة ... فسمحوا لى أن أكتب لكم عصارة عمرى الصغير و أهديه إليكم ... و أرجو من الله أن تفيد على الأقل واحد من البشر و لا تضل أحدا منهم .. آمين آمين.

و أوصيكم بكتابة مذكراتكم أيضا...


4 comments:

هناء صابر said...

مدونةجميلة جدا جدا يامنى....
الى الامام دائما ....
تحياتى لك و لك فتاة بحماسك و حرصك على حب الوطن

هناء صابر said...

يا ريت فعلا كل الشباب يبدأو فى كتب مذكاتهم و ومياتهم لانه ايد هكون مثيرة جدا..

Mona El-Shourbagy said...

أهلا بيك يا هناء
شكرا لمرورك و تشجيعك
و يارب أكون عند حسن ظنك

Ne3oo said...

تصدقى انا كمان حاولت فى ثانوى اكتب مذكراتى بس ساعتها ماما بصتلى بصة من طراز " انتا اتجنيت و لا ايه" و من ساعتها مكتبتش بس نفسى اكتبها اوى مش عشان انا يعنى الشاب الشخصية بس بحب اكتب اللى حاسس بيه
فكرة حلوة و ان شاء الله حطبقها